فرودويكي – يونيو 2025
المقدمة العامة:
لطالما كانت اليمن مسرحًا لصراعات معقدة تتداخل فيها المصالح الإقليمية والدولية، لكن ما خفي أعظم. فخلف مشهد الحرب الظاهر، تتشكل خيوط نفوذ ناعمة، تُدار من كواليس المنظمات الدولية ومنصات “السلام”، حيث تُصاغ الروايات وتُعاد كتابة الوقائع بما يخدم أطرافًا بعينها.
في هذا السياق، تبرز مليشيا الحوثي كأحد أبرز الفاعلين الذين أتقنوا فن التلاعب بالحقائق وتوظيف أدوات المجتمع الدولي لإعادة إنتاج شرعيتهم وتعزيز قبضتهم على السلطة. يأتي هذا الكتاب، “العبور إلى الظلام: مليشيا الحوثي في كواليس المنظمات ولوبيات السلام الزائف“، ليفتح نافذة على أحد أخطر أوجه الصراع في اليمن: الشبكات غير المرئية التي تربط الحوثيين بمنظمات أممية ودولية، وكيف تُستخدم هذه الروابط ليس فقط لإطالة أمد الحرب، بل لتقويض فرص السلام العادل والشامل.
من خلال تحليل دقيق لأساليب التنظيم السري الحوثي، نستعرض كيف تمكنت هذه الجماعة من التسلل الى المؤسسات الدولية، مستفيدة من الثغرات في النظام العالمي. كما نسلط الضوء على كيفية عمل لوبيات السلام الزائف كأداة لتبرير وجود الحوثيين وتعزيز نفوذهم في الساحة السياسية.
وفي عالم اليوم، حيث تتداخل الأزمات الإنسانية والسياسية بشكل متزايد، يصبح من الضروري فهم العوامل المؤثرة على الواقع اليمني المعقد. يعرض هذا الكتاب نتائج أبحاث موثوقة ودقيقة تم جمعها من منشوراتنا وتقاريرنا السابقة وتم إصدارها عبر منصة فردويكي FraudWiki ، تسلط الضوء على الدور الخطير الذي تلعبه بعض الشخصيات المرتبطة بجماعة الحوثي في المؤسسات المالية والإنسانية الدولية او تتعامل معها بشكل مباشر او غير مباشر. هذه المعلومات لم تساهم فقط في رفع مستوى الوعي المجتمعي، بل كان لها تأثيرات مباشرة على السياسات الدولية، مما أدى إلى فرض عقوبات من مجلس الأمن، وعقوبات أمريكية على عدد من الشخصيات والكيانات المدرجة ضمن فصول هذا الكتاب، علاوة على تشكيل لجان دولية للتحقق من الفساد في التمويلات الدولية التي أعطيت باسم المساعدات الإنسانية لليمن في فترة الحرب.
المنهجية:
تستند منهجيتنا في هذا الكتاب إلى تحليل شامل ومتعدد الأبعاد. يعتمد على تقاريرنا السابقة خلال السنوات الماضية، وبجمع وتحليل البيانات الموثوقة، واستخدام أسلوب التحليل الكمي والنوعي لفهم كيفية تأثير الحوثيين على السرديات الدولية. سيتم التركيز على دراسة الحالات الخاصة التي تجسد هذه الديناميات، مما يوفر رؤية واضحة حول استراتيجيات الحوثيين والخدمات التي يقدمها أعضاء التنظيم السري للحوثي في المنظمات والصناديق الدولية ولوبيات السلام الزائف وإبراز اهم الشخصيات في منظومة الامن والمخابرات الحوثية وادوارهم والتهديدات
الأهداف:
تهدف هذه الدراسة إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية:
- كشف الحقائق المخفية: تسليط الضوء على كيفية استخدام الحوثيين للمنظمات الدولية كأدوات لتعزيز نفوذهم.
- تحليل الاستراتيجيات: دراسة الأساليب التي تعتمدها مليشيا الحوثي في التلاعب بالروايات العالمية.
- توعية المجتمع الدولي: تقديم فهم أعمق للتحديات التي تواجه الأمن والسلام في المنطقة، ودعوة المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات فعالة لمواجهة هذه التهديدات.
- تقديم توصيات: عرض مقترحات عملية للتصدي لتأثير الحوثيين في المنظمات الدولية وتعزيز جهود السلام الحقيقية.
- توثيق التاريخ: توثيق الأحداث والوقائع المتعلقة بالحوثيين لتكون مرجعًا للأجيال القادمة، مع وضع أدلة ثابتة للمحاسبة والمساءلة، مما يسهم في حفظ الذاكرة الجماعية ويعزز العدالة في المستقبل.
هيكل الكتاب:
يتألف هذا الكتاب من ثلاثة أبواب رئيسية، مقسمة على ستة فصول متكاملة، تغطي جوانب مختلفة من تأثير الحوثيين على الساحة الدولية. تم تخصيص المراجع والمصادر وفقًا لكل باب، مما يتيح للقارئ التعمق في الموضوعات التي تثير اهتمامه بشكل خاص.
تتمثل أهمية هذا الكتاب في سياق الصراع المعقد الذي تشهده اليمن منذ عام 2015، حيث تتزايد المخاوف من تأثيرات جماعة الحوثي على المؤسسات المالية والإنسانية الدولية. يستعرض الكتاب، من خلال فصوله المختلفة، دور الأفراد المرتبطين بالحوثيين وكيفية استغلالهم لمناصبهم في تعزيز مصالح هذه الجماعة، مما يعكس تهديدًا حقيقيًا لنزاهة وحياد المؤسسات التي تهدف إلى تقديم الدعم الإنساني في ظل الأزمات المتفاقمة، ويتناول كل فصل من الكتاب قضية محددة، بدءًا من الكشف عن الأفراد المؤثرين داخل المنظمات الدولية، مرورًا بتحليل تأثيرهم على السياسات والتمويلات، وصولًا إلى دراسة جهاز الأمن والمخابرات الحوثي وتأثيره على الوضع الإنساني. إضافة الى مفهوم الهندسة السردية الدولية وكيفية تحول المجتمع الدولي جنب الى جنب مع لوبيات السلام الزائف والأبحاث الموجهة إلى أداة لشرعنة الحوثيين
يتناول الكتاب في فصوله المتعددة كيف استطاعت هذه الشخصيات استخدام مناصبها لتعزيز مصالح الحوثيين، مما يهدد نزاهة المؤسسات الدولية ويقوض الجهود الإنسانية الموجهة نحو تخفيف معاناة الشعب اليمني. كما يستعرض الكتاب تأثير الفساد وسوء الإدارة على التدفقات المالية الدولية، وكيف تم استغلال هذه الأوضاع لتشويه صورة الحكومة الشرعية وتقديم الحوثيين كسلطة أمر واقع.
من خلال هذا الكتاب، نسعى إلى تقديم دعوة ملحة لمحاسبة المتورطين في الفساد سواء على مستوى المنظمات او السلطة الشرعية او مليشيا الحوثي، وضمان الشفافية في إدارة المساعدات الدولية، والحد من نفوذ الحوثيين في المؤسسات التي تهدف إلى تقديم الدعم للشعب اليمني. إن فشل المجتمع الدولي في التعامل مع هذه القضايا يجعل من الضروري إعادة تقييم السياسات الحالية والعمل على استعادة الدولة اليمنية وحقوق مواطنيها.
في الباب الاول الذي يتضمن الفصلين الاول والثاني نجد أن الفصل الأول يستعرض المخاوف المتزايدة بشأن وجود أفراد مرتبطين بجماعة الحوثي داخل المؤسسات المالية والإنسانية الدولية. هؤلاء الأفراد، الذين يشغلون مناصب مؤثرة ضمن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمنظمات التي تدعي حقوق الانسان، ويستخدمون مواقعهم لترويج مصالح الحوثيين، مما يهدد نزاهة هذه المؤسسات. يركز الفصل على ستة أشخاص رئيسيين تم تحديدهم من خلال بحوث مفتوحة المصدر، ويستعرض كيفية استغلالهم لمناصبهم في توجيه الموارد والمعلومات لصالح مليشيا الحوثي واستخدام منصات الضغط وتنسيق العلاقات العامة والدعاية. كما يسلط الضوء على التأثير السلبي لهذه الأنشطة على وصول المساعدات الإنسانية والذي يفتقر إلى التدخل الفعال من الجهات الحكومية المختصة، مما يتطلب التدخل لضمان النزاهة والشفافية والمساءلة للمؤسسات الدولية. وكذا الفاسدين ضمن منظومة الحكومة الشرعية ومحاسبة المليشيا الحوثية، ومما يبرز الحاجة الملحة أيضا لمزيد من التدقيق والاستجابة من قبل المنظمات المعنية.
يستكمل الفصل الثاني هذا التحليل مفصلًا لعدد اخر من الشخصيات البارزة المرتبطة بالجماعة الحوثية والتي تلعب أدوارًا محورية في المؤسسات الدولية والمحلية باليمن. يركز على كيفية خدمة هذه الشخصيات لمصالح الحوثيين وتأثيرها على قرارات المؤسسات. يستعرض الأدوار الوظيفية والعلاقات الأسرية، مع أمثلة على تأثيراتها في تمويل المشاريع الدولية. يتناول الفصل دور شخصيات في مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بصنعاء (UNOCHA)، والبنك الدولي بواشنطن، واليونيسف، ومركز جنيف لحوكمة القطاع الأمني، وكيفية تيسيرها لمصالح الحوثيين. يسلط الضوء على التضارب في المصالح وسوء استخدام الموارد والتلاعب بالخطابات وتوجيه المعلومات، ويحث على اتخاذ إجراءات لمحاسبة المتورطين وضمان الشفافية في إدارة المساعدات.
بينما يهدف الباب الثاني بفصليه الثالث والرابع إلى تقديم تحليل لجهاز الأمن والمخابرات التابع لميليشيا الحوثي، مستندًا إلى معلومات موثوقة ومصادر تم جمعها على مدى سنوات. تم تدقيق البيانات هنا حتى نهاية عام 2023، مع الاعتماد أيضا على المصادر المفتوحة.
حيث أنشأت ميليشيا الحوثي جهاز الأمن والمخابرات كوسيلة لتعزيز سلطتها والسيطرة على المناطق التي تحكمها. يقوم الجهاز بجمع المعلومات حول الموالين والمعارضين، مما يجعل فهم هيكله وأساليبه التشغيلية أمرًا بالغ الأهمية لتقييم التهديدات التي تشكلها الميليشيا على الأمن المحلي والإقليمي والدولي.
تتميز ميليشيا الحوثي بتناوب الأفراد في المناصب الرئيسية، مما يساعد على الحفاظ على الأمن التشغيلي والتمويه عن استراتيجياتها. هذا التغيير المنتظم يخلق انطباعًا بالاستقرار، بينما يضمن حماية المعلومات الحساسة وعملياتها غير المشروعة، مثل تهريب الأسلحة والتجنيد وغسيل الاموال.
علاوة على ذلك، يؤثر جهاز الأمن والمخابرات الحوثي بشكل كبير على عمل المنظمات الدولية في اليمن. إذ يمكن أن يتداخل نفوذ الحوثي مع جهود الإغاثة والمساعدات الإنسانية، حيث يتطلب العمل في مناطق الحوثيين التكيف مع متطلبات الجهاز الأمنية، مما يحد من قدرة المنظمات على العمل بحرية وفعالية، الى جانب ذلك تماهي عدد من المنظمات وبعض موظفيها مع متطلبات هذا الجهاز وخدمة المليشيا. سيسلط هذا الباب الضوء على أسماء وأدوار الأفراد الرئيسيين داخل الجهاز وكذا بعض الكيانات المرتبطة به، وتأثيرهم على المشهد الأمني والإنساني في اليمن، بما في ذلك قضايا الاختطافات والتعذيب وتهريب السلاح والتجنيد في الحروب الدولية.
وفي الباب الثالث نجد فيه الفصل الخامس، يستعرض فيه مفهوم الهندسة السردية الدولية وكيفية تحول المجتمع الدولي جنب الى جنب مع لوبيات السلام الزائف والأبحاث الموجهة إلى أداة لشرعنة الحوثيين وتقويض بناء الدولة والحوكمة في اليمن، وسنطرح أسئلة تتناول تأثير هذه الديناميكيات على المشهد اليمني. علاوة على ان الفصل يتناول الأبعاد الإنسانية للأزمة، حيث يبرز الفساد وسوء الإدارة كعوامل رئيسية تعيق فعالية التمويلات الدولية، حيث يشهد اليمن منذ عام 2015 أزمة إنسانية حادة نتيجة الصراع المستمر، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وزيادة معدلات الفقر ونقص الغذاء والدواء. تُعتبر التمويلات الدولية أداة رئيسية لمواجهة هذه الأزمة، لكنها تواجه تحديات كبيرة مثل الفساد وسوء الإدارة وغياب الشفافية، مما يحد من فعاليتها في تخفيف معاناة الشعب اليمني.
تدفق التمويل الدولي إلى اليمن بلغ نحو 32 مليار دولار بين عامي 2015 و2024، اخذ النصيب الأكثر منها وكالات اممية مثل برنامج الغذاء العالمي WFP ومنظمة اليونيسيف UNICEF وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP والتي ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في دعم مليشيا الحوثي، بالإضافة إلى تمويلات بمئات ملايين الدولارات من الاتحاد الأوروبي لمشاريع تحت مسمى السلام والعدالة.
ومع ذلك، ظهرت شبكات وكيانات بحثية وحقوقية تُقدَّم على أنها مستقلة، لكنها في الواقع تدعم المشروع الحوثي، مما ساهم في إعادة تعريف الحوثيين كحركة سياسية مشروعة، هذه الكيانات (مثل مؤسسة مواطنة ومركز صنعاء و DeepRoot وغيرها) تلاعبت بالحقائق ورفعت تقارير مضللة، مما منح الحوثيين غطاءً سياسيًا غير مستحق. أصبح المجتمع الدولي متواطئًا في الأزمة، حيث تمسك بمسار تفاوضي يقسم السلطة مع الحوثيين، متجاهلًا أنهم جزء من مشروع إيراني توسعي اغتصب السلطة في اليمن بالقوة. في هذا السياق، تُعد التقارير الدولية أداة لإعادة هندسة المشهد، حيث تتجاهل الأصوات الوطنية وتدعم مصالح لوبيات مرتبطة بالحوثيين.
وأخيرًا، يُناقش الفصل السادس كيفية استخدام البيانات الأمنية المسربة لتشويه صورة الحكومة الشرعية، حيث يُظهر تحليل هذه البيانات حجم التضليل والتلاعب بالبيانات وكيف تسهم في تعزيز صورة الحوثيين كسلطة مستقرة وهي صورة غير صحيحة، مما يعيق الجهود الرامية إلى بناء السلام في اليمن.
تعتبر بيانات الحوادث الأمنية المسربة من المنظمات خلال الفترة من 2022 إلى 2023 مصدر قلق للحكومة الشرعية في اليمن. تُظهر التحليلات أن الهدف من هذه البيانات هو تشويه صورة الشرعية وتبرير بقاء بعض المنظمات تحت سيطرة مليشيا الحوثي وممارسة التضليل بالمعلومات من قبل المنظمات. ان البيانات التي تم تحليلها تتضمن كشف بــــ 404 حادثة أمنية، تم إعدادها من قبل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية باليمن، ويبدو أنها تُرفع سنويًا دون مراجعة من الحكومة الشرعية، مما يتطلب التحقق من صحتها وتنسيق إجراءات الحماية.
تتوافق هذه البيانات مع تقارير منظمات تعمل في مجالات السلام وتعمل على تشويه الحقائق والتضليل بالمعلومات، مما يعزز صورة الحوثيين كطرف جاهز للسلام، بينما تُظهر مناطق الشرعية كغير مستقرة. هذا التوجه ينقل رسالة خاطئة للعالم مفادها أن مناطق الشرعية تعاني من الفوضى، مما يسهل استغلال هذه الأوضاع لجمع الأموال لمؤسسات محددة. يقدم هذا التقرير تحليلًا لهذه البيانات المسربة ويقترح إجراءات للتصدي لهذه المخاطر.
تتجلى أهمية هذا الكتاب في كونه ليس مجرد تحليل مهني، بل هو دعوة إلى العمل. من خلال تقديم معلومات موثوقة وشاملة، يسعى الكتاب إلى توعية المجتمع الدولي بالتهديدات التي يمثلها الحوثيون، ويدعو إلى اتخاذ إجراءات فعالة لمحاسبة المتورطين وضمان الشفافية في إدارة المساعدات. إن فهم هذه الديناميكيات هو مفتاح لإحداث تغيير حقيقي في الوضع اليمني، وإعادة بناء الدولة بما يحقق العدالة والاستقرار.
تستند هذه الدراسة إلى بيانات ومصادر موثوقة، لتكشف النقاب عن الأبعاد الخفية للصراع في اليمن، وتطرح تساؤلات حول دور المجتمع الدولي في التعامل مع هذه التحديات المعقدة. انضموا إلينا في هذا الرحلة إلى الظلام، حيث نكشف النقاب عن الحقائق المخفية ونوثق التاريخ ونستعرض التهديدات التي تواجه الأمن والسلام في المنطقة.
الخاتمة العامة
تتجلى أهمية المعلومات والبيانات الموثوقة التي تم استعراضها في هذا الكتاب في قدرتها على تغيير الوعي المجتمعي، بل وحتى التأثير على سياسات الدول. فقد ساهمت التقارير والتحليلات السابقة والتي تضمنها الكتاب في اتخاذ العديد من الإجراءات الفعّالة على المستوى الدولي. تم فرض عقوبات من قبل مجلس الأمن على الأفراد المرتبطين بالحوثيين، إضافة إلى عقوبات أمريكية تعكس جدية المجتمع الدولي في مواجهة هذه التحديات.
يكشف الكتاب عن تسلل أفراد مرتبطين بقيادة الحوثيين إلى مناصب رئيسية في المنظمات الإنسانية والمالية الدولية، مما يقوض مبادئ الاستقلال والحياد. هذا الوضع يعزز الشكوك حول قدرة هذه المؤسسات على اتخاذ قرارات موضوعية بشأن اليمن، ويهدد بتطبيع ميليشيا إرهابية من خلال استغلال البرامج الدولية. كما يثير تساؤلات حول حماية الشعب اليمني الضعيف ومدى تأثير الأجندات السياسية على الأولويات الإنسانية. يتطلب الأمر تحقيقات عاجلة وإصلاحات قوية لسد الثغرات ومنع التسلل مستقبلاً. ينبغي على الحكومة الشرعية مراجعة ممثليها في هذه المنظمات لضمان عدم التأثير السلبي على الشرعية. استعادة المصداقية تتطلب إجراءات جادة للحفاظ على النزاهة والثقة في العمل الإنساني.
كما يبرز هذا التحليل الأدوار الضارة التي يلعبها أفراد داخل المنظمات الدولية في تسهيل أجندة مليشيا الحوثي، مما يقوض نزاهة هذه المؤسسات. بدلاً من الحفاظ على الحياد، استغل البعض مواقعهم لتعتيم انتهاكات الحوثيين، مما يشكك في أولويات العمل الإنساني. التلاعب المالي يكشف عن هفوات في الرقابة، ويعزز مكانة الحوثيين عبر التسلل المقصود للآليات الدولية. المواقف المتساهلة لوكالات الأمم المتحدة سمحت لهذا التسلل بالاستمرار، مما أضر بفعالية المساعدات. من الضروري اتخاذ خطوات ملموسة لاستعادة الحياد والمساءلة، مع التركيز على مصالح الشعب اليمني كأولوية. يجب محاسبة الجهات الحكومية والمنظمات المدنية التي تدعم الحوثيين وتعمل على إلغاء تصنيفاتهم كجماعة إرهابية.
تكشف الديناميات المعقدة لعمليات ميليشيا الحوثي عن نهج متعدد الأبعاد في الحكم والأمن والعلاقات الدولية. أسهم إنشاء جهاز الأمن والمخابرات في تعزيز سلطتها عبر استراتيجيات مراقبة شاملة للمؤيدين والمعارضين. تلعب شخصيات رئيسية مثل عبد الواحد ناجي محمد أبو راس وحسن الكحلاني أدواراً حاسمة في تنسيق الأنشطة الاستخباراتية والعمليات العسكرية، مما يعزز قبضتها على السلطة. كما تعكس استخدامات الميليشيا للشركات السرية، مثل تلك التي ينسق لها أحمد الشامي، او التي يديرها عبدالولي الجابري وعلي الهادي قدرتها على التكيف في بيئة صراعية معقدة.
تتواصل تحديات الأمن الإقليمي من خلال تورط شخصيات سياسية في صفقات أسلحة غير مشروعة. عمليات الاختطاف والتعذيب للناشطين وموظفي المنظمات الدولية تثير تساؤلات حول المساءلة وفعالية الآليات الدولية المعنية بحقوق الإنسان. كما أن مشاركة بعض مؤسسات المجتمع المدني مثل DeepRoot وزمالة حكمة ورنين اليمن في تقديم قادة الحوثي كشخصيات محايدة يعرقل السردية الحقيقية للميليشيا الحوثية.
مع استمرار تطور الوضع في اليمن، يصبح فهم هذه الديناميات ضرورة لفهم آثار الحوثيين على الصراع. تحتاج جهود المجتمع الدولي إلى معالجة الأزمة الإنسانية بشكل شامل وفعّال، مع التأكيد على أهمية محاسبة جميع الأطراف على أفعالها.
تتداخل العوامل المحلية والدولية في تشكيل مستقبل اليمن، حيث تُستخدم الأبحاث كأدوات سياسية تؤثر على الحوكمة والعدالة الانتقالية. من الضروري تعزيز الأصوات المحلية الحقيقية والمبادئ الأساسية للعدالة لضمان مستقبل مستقر وشامل. يتطلب بناء الدولة معالجة الأولويات الدولية المتضاربة وضمان المساءلة عن الجرائم وتعويض الضحايا. يجب فضح اللوبيات التي تستغل تمويلات السلام والعدالة لتجميل المليشيا الحوثية وتمكينها وتساهم في عرقلة العقوبات الدولية وكشف ارتباطاتها بالحوثيين (مثل مؤسسة مواطنة ومركز صنعاء للدراسات)، مع إعادة توجيه الجهود الدولية لدعم المؤسسات الشرعية. كما يتعين محاسبة الفاسدين وتعزيز مبادئ الحوكمة والشفافية. أي تسوية لا تستند إلى استعادة الدولة وتفكيك سلطة الميليشيا لن تؤدي إلا إلى تكرار الوضع الراهن.
سلط النموذج التحليلي الضوء على مخاطر التضليل في بيانات الحوادث الأمنية التي تهدد الحكومة الشرعية، مثل تشويه صورتها ونقص الثقة من المانحين. للتخفيف من هذه المخاطر، يُنصح بإعادة هيكلة العلاقات مع المنظمات الدولية لتعزيز التنسيق والشفافية. يجب تفعيل آليات المتابعة والمراقبة على المؤسسات ذات العلاقة، وفرض إيداع جميع التمويلات في البنك المركزي بعدن. كذلك، ينبغي مراجعة بيانات المنظمات قبل نشرها والحصول على موافقة الحكومة الشرعية. يتعين محاسبة المسؤولين وتغيير الكوادر الحكومية، مع متابعة دقيقة للمنظمات الدولية لاستعادة المبالغ المستحقة والأموال المنهوبة. هذه الإجراءات تهدف إلى تعزيز الشفافية وضمان استفادة اليمنيين من المساعدات الإنسانية.
الإجراءات المقترحة:
- إعادة ضبط العلاقات: ضبط العلاقة مع المنظمات الدولية والوكالات الأممية بما يخدم فعليا العمل الإنساني والانتقال الى مشاريع تنموية.
- تفعيل آليات المراقبة: تعزيز التنسيق والمتابعة والمحاسبة على الوكالات الأممية والمنظمات الدولية والمؤسسات المعنية، ومحاسبة المنظمات الدولية والوكالات الأممية عن المبالغ السابقة التي وصلت إلى 32 مليار دولار ومراجعة تقاريرها.
- إيداع التمويلات: فرض إدخال جميع التمويلات الدولية إلى البنك المركزي بعدن، مما يسهم في تحسين الاقتصاد الوطني ويحد من دعم مليشيا الحوثي وتجفيف مواردها.
- تفعيل النظام الإلكتروني: إعادة تفعيل نظام الرقابة والمتابعة للمشاريع الذي يربط بين البنك المركزي ووزارة المالية ووزارة التخطيط والوكالات الأممية والمنظمات الدولية والوحدات التنفيذية للمشاريع بالمحافظات.
- مراجعة التقارير: عدم نشر أي تقارير أو بيانات من المنظمات إلا بعد مراجعتها والموافقة عليها من الجهات الحكومية المعنية.
- محاسبة المسؤولين: العمل على محاسبة المسؤولين الحكوميين التابعين للشرعية وإجراء تغييرات بكوادر مؤهلة ذات انتماء وطني، تعمل على اصلاح الوضع وتوجيه التمويلات بشكل أفضل يستفيد منه اليمنيين.
- ضبط المؤسسات المحلية والدولية: إلزام المؤسسات المحلية العاملة في حقوق الانسان والإغاثة والتدريب بتقديم تقارير مفصلة ومحاسبتها على الأموال التي استلمتها ومراقبتها ومراجعة تقاريرها. وكذا إلزام التي سجلت خارج اليمن وتعمل في مجال الإغاثة باليمن او مشاريع السلام والتدريب مع المنظمات او الممولين الدوليين بتسليم التقارير المفصلة ومحاسبتها على الأموال التي استلمتها سابقا واي اعمال قد سببت ضررا على المجتمع باليمن وصورة الشرعية بالعالم او تم استغلال قضايا ومعاناة اليمنيين للإثراء غير المشروع على حساب هذه المعاناة وما يقوموا به من تبادل للأدوار بين عدد محدود منهم للسيطرة على التمويلات.
- فتح قنوات الحوار: يجب تعزيز الحوار بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المجتمع المدني، لضمان أن تكون جميع الأصوات مسموعة في عملية اتخاذ القرار. والعمل على تمكين الأصوات الحقيقية لليمنيين من الوصول للمنصات الدولية، علاوة على تشجيع الأبحاث والدراسات التي تسلط الضوء على الانتهاكات بشكل محايد وتقدم حلولاً فعّالة، مما يعزز الوعي العام ويحفز المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات
في الختام، أي تسوية لا تقوم على استعادة الدولة، وتفكيك سلطة الميليشيا، وخضوع جميع الأطراف للمساءلة، لن تكون سوى إعادة إنتاج للوضع الراهن.