الجامعة الفرنسية الخاصة: حيث الشهادات ليست إلا ورقاً للتسلية!
22 ديسمبر 2023 – فرودويكي
في عالمنا المعاصر، حيث يمكن للأخبار الزائفة أن تنتشر بسرعة البرق، تبرز قصة عبدالسلام السودي كنموذج للاحتيال في ساحة التعليم العالي. يُعرّف السودي نفسه كمؤسس لجامعة غير موجودة، “الجامعة الفرنسية الخاصة”، أو جامعة فرنسا الخاصة PFU كما يسميها اصحابها احياناً، هذه الجامعة غير المعترف بها نهائياً ، لأنها لا تتجاوز كونها وهماً يباع على صفحات الانترنت.
عبدالسلام السودي، الذي بدأ مسيرته كصحفي رياضي في جريدة “الثورة” اليمنية، وحالياً يمثل اليمن كعضو في المكتب التنفيذي للاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية. وكان قد أبحر في رحلة إلى فرنسا، وهناك، انتقل من عالم الصحافة الرياضية إلى عوالم أكثر خصوبة في زراعة الأوهام. وأعلن بفخر عن حصوله على شهادات ماجيستير ودكتوراه من فرنسا لم يتلقها قط، ولم يعلم أحد من أي جامعة حصل على الدكتوراة من فرنسا. بل توسّعت طموحاته ليعلن نفسه رئيس “المؤتمر الشعبي العام في أوروبا”، وهو لقب يُثير الدهشة والحيرة في الوقت ذاته. ولم تتوقف مسيرته المذهلة هنا، فقد ادّعى أيضًا أنه مدير وكالة صحفية اسمها الوكالة الدولية للصحافة “ايجس” AIJES وهي وكالة لم تقم بأي نوع من أنواع العمل الصحفي. كما يزعم انه محاضر في المدرسة العليا للصحافة في باريس رغم انه لا يتحدث الفرنسية.
عبدالسلام السودي، الرجل الذي قفز من ميدان الصحافة الرياضية إلى عوالم أكثر رونقاً وزخرفاً في الاحتيال الأكاديمي. قدم إلى فرنسا كلاجئ عام ٢٠١٥، ثم ظهر فجأة بملحمة جديدة في عالم الجامعات الوهمية، حيث قدم نفسه كنائب رئيس جامعة وهمية تدعى “الجامعة الفرنسية الخاصة” ومقرها الخيالي في الشانزليزيه. تُدرس بالعربية في قلب باريس، حيث معرفة اللغة الفرنسية ليست شرطًا في حصول الدرجات العلمية العليا في جامعة الوهم هذه.
بدأ عبدالسلام السودي في النصب على العديد من اليمنيين لتسجيلهم في جامعته الوهمية ووعدهم أنه سيمنحهم شهادات دكتوراه حتى لمن لم يحصل حتى على الثانوية العامة. وقام باصدار وعود أنه سيسهل لهم الحصول على تأشيرات إلى فرنسا لحضور مؤتمرات جامعته الوهمية. وطبعا ً لا يمكن الحصول على دعوة من جامعته الوهمية قبل إتمام دفع مبلغ الرسوم بعد اعطاء خصم وهمي 50% ليكون المبلغ 5250€ + رسوم التسجيل 600€ مع العلم ان اجمالي الرسوم للثلاث سنوات دراسية 10500€. بعدها يمكن للطالب الحصول على الدكتوراه في شهرين بقرار من المجلس الاكاديمي للجامعة الفرنسية الخاصة الفيسبوكيه.
جامعة فرنسا الخاصة (PFU) التي تدعي الاعتماد من الاتحاد التعليمي في أوروبا (FEDE)، وتعرض نفسها كمركز امتحاني أوروبي دولي مع اعتماد RNCP للشهادات المهنية والشراكة مع مؤسسات أوروبية، ليست اكثر من جامعة وهمية لانه غير مدعومة بتسجيلات رسمية أو اعتراف دولي. ويمكن ببساطة التحقق من خلال البحث في قواعد البيانات المعترف بها للتعليم العالي الفرنسي. هي جامعة بدون مقر واقعي، فمحاضراتها تقع في منصة زوم، وهي كيان هلامي يرتكز على الاحتيال والشهادات التي لا قيمة لها.
جامعة فرنسا الخاصة مسجلة كشركة محدودة برقم 517679742 تأسست من قبل شخص يدعى KARIM BRITEL أسسها في اكتوبر 2009 ، وبرأس مال عشرة ألف يورو ، لكنها ظلت دون فعالية حقيقية قبل أن يأتي عبدالسلام السودي ليستخدمها كواجهة للاحتيال على اليمنيين ممن يحلمون بالقدوم إلى فرنسا والحصول على مؤهل فرنسي.
قد تشعر بالفخر وأنت تعلق شهادتك الجديدة من “الجامعة الفرنسية الخاصة” على الحائط، ولكن حذارِ، فقد يتحول الفخر إلى خجل عندما يكتشف الجميع أن “الجامعة” ليست سوى سراب في صحراء الإنترنت.
ختاماً، “الجامعة الفرنسية الخاصة” هي المكان الأمثل لمن يرغب في الحصول على تعليم فرنسي بلا روح الفرنسية، وشهادة بلا جوهر العلم، والأهم من ذلك، تجربة جامعية بلا جامعة!